السلام عليكم
ربما لم يلقي البعض بالاً لقضيتهم
ربما آخرون يعتقدوا أنهم ناضلوا أكثر من هؤلاء الذين قامت لهم الدنيا فما قعدت
ربما قال آخرون ما استشهدوا ولو كان فيهم خير لفعلوا
إلى هذه الفئات وإلى المسلمين الذين ضيعوا حقهم في المسجد الأقصى وما ألموا -بكسر اللام- لأخوانهم في سجون الاحتلال أكتب حكايات عن الأسرى
نائل البرغوثي/ فخري/ فؤاد الرازم/ خالد محيسن أسرى لأكثر من ثلاث عقود:
المعزول عن العالم عشر سنين قد يعاني من مشكلة في التأقلم
يتكلمون عن الاتصالات الحديثة وعن الشبكات الاجتماعية وعن أثرها العميق في الثورات العربية
وهو لا يعرف ما هيتة هذه الأمور ولا آلية عملها
المعزول عن العالم لمدة عشرين سنة لا يعرف الجوال
وبالتأكيد لا يعرف البريد الإلكتروني ولا شبكة الإنترنت
وسيستغرب بشدة عندما يرى سرعة انتشار الخبر
وستزيد احتمالية عدم تأقلمه مع المجتمع
أما المعزول عن العالم لمدة ثلاثينة سنة ربما لم يرى جهاز الهاتف أصلاً
أو كانت الشبكة لا تتجاوز مئة بيت
وربما لم يرى جهاز التلفاز أو رآه عندما كان يعمل على الأبيض والأسود ويفص الإرسال كل خمس دقائق مرة 🙂
تخيل أن تعزل عن العالم مدة تزيد عن ثلاثين سنة ثم تخرج لتتواصل مع الناس
أتذكر حكايات جدي عن الجنيه المصري الذي اشترى به صديقاً له أرضاً في مصر أيام الستينات
وعن الخمس قروش التي اشترى بها غداءاً وحلى بالباقي
وأتذكر مقدار استعجابي من تلك الحكايات
هل تعتقدون بأن الأسرى سيعانوا من نفس التأثير؟
نائل البرغوثي اعتقل وعمره 19 سنة خرج للدنيا وعمره 53 سنة:
من يستطيع أن يسبر مكنونات هذه المأساة النفسية
أعتقد أنه:
عاش أول عقد في السجن فخور بإنجازه على أرض الواقع وأنه ضحى بنفسه لوطنه وأهله
ثم عاش ثاني عقد في السجن يفكر لو أنه استشهد لكان خيراً له
ثم عاش ثالث عقد ليعتقد أنه لا حياة خارج أسوار السجن
الاحتلال يدعي كونه دولة متحضرة -ربما الوحيدة على حد قولهم- في الشرق الأوسط
ويتفاخر باعتباره لحقوق الإنسان
أي حقوق إنسان لمن تعرض لما تعرض له نائل البرغوثي
أنا أراهن على أن من عاش ثلاثين سنة في بلد يرى السماء والخضرة
لو انتقل إلى بلد ثاني غير بلده في الطبيعة لعانى من اختلال في توازن روحه
فما بالكم بمن لا يرى سماءً ولا خضرة؟
ماذا عن شعوره بالخوف من كل ما يحيط به؟
ماذا عن إحساسه بتغير الوقت من النهار وإلى الليل ربما شعور لم يعشه في السجن
أن ترى الشمس حين تشرق وتراها حين تغرب
هل تعرفون شعور الإنسان البصير الذي أصابه العمى ثم عاد إليه بصره؟
زوجات في سن اليأس:
الكثير من الأسرى تزوجوا وسجنوا بعدها البعض له ولد والبعض ليس له
وزوجاتهم انتظرنهن كل هذه الفترة وهم في السجن
في بعض الأحيان تكون المرأة قد دخلت سن اليأس أو قريبة منها
فهل يتزوج الأسير بعد خروجه من السجن؟
هذه مشكلة اجتماعية
وجهة نظري أن التي انتظرتك كل هذه السنين لا تستحق هذا
-أعوذ بالله أن نحرم ما أحله لكن كرم أخلاق هاتين الزوجات يجعل الكلام في هذا الموضوع صعب بالنسبة لي على الأقل-
وجهة نظر أخرى غريزة الحياة والبقاء تجعل الإنسان يريد أن ينجب من يحمل اسمه ليعيش سنين أخرى بعد موته
في حال تزوج الأسير ألا تعتقدون معي أنها مأساة نفسية لزوجته؟
وفي حال لم يتزوج الأسير ألا تعتقدون بأن الصراع بين غريزة الحياة وبين الوفاء للأسير المحرر سيكون صراعاً سهلاً؟
مشكلة التاقلم داخل البيت:
في نفس موضوع الزواج أشار لي صديق لم يحب أن أذكر اسمه هنا
أن الكثير من الأسرى عند خروجهم من السجن
يقومون بالزواج على زوجاتهم
لأنهم يعانون من كون المرأة تتولى كل أمور البيت
وكأنها هي الرجل لا هوه
تخيل إحساس الأسير عندما يخرج من السجن ليرى زوجته الفاتنة الأنثى
وقد حولتها الحياة ومشاكلها إلى رب البيت القائم عليه
ولم يعد يعرف فيها فتنتها التي عهدها
تخيل أن أولاده يردون على أوامرها لا على أوامره
تحس وكأن هذا البيت ليس ببيتك وكأن أهلك ليسوا بأهلك
أنا لم أزد عن التساؤل وليس لدي ما أقدمه لهؤلاء الأبطال غير أن أفكر في حالهم
وأتمنى من الله أن يعينهم على مشاكلهم وييسر لهم عملية الإندماج في المجتمع
وفي نهاية أقول
مشاكل الأكل والشرب
مشاكل الحصار
مشاكل الكهرباء
مشاكل هدم البيوت
مشاكل فتح وحماس
صدقاً أما نستحي من إخواننا الأسرى
أي معاناة بجانب معاناتهم محض هراء ونحن ما نفتئ نشتكي
تحياتي
شهيد الأقصى
كل الشكر للإخوة الذين ناقشوا معي هذه المواضيع وأثروا وجهة نظري فيها
زوجات في سن اليأس
محمود الزعلان
رائد الدحدوح
مشكلة التاقلم داخل البيت
محمود الهباش
Tags: أسير
كثيرا ما استمتع في قراءه مقالاتك ..لكن أجد نفسي عاجزة عن التعبير ..أو أخجل من ان طريقة تعبيري قد تكون مضحكه مقارنه بطريقتك بالكتابه..
لكن هذه المقاله وجدت لها طابعها الخاص ..تناولت الموضوع في الكثير من الجوانب ..
رغم كل قصص الأسرى المحزنة والمؤثرة ..إلا ان كل الشعب تناسى مقدار العذاب الذين كانو يعانوه في السجن والظلم..وألم اهاليهم وزوجاتهم ..واصبحو يتطلعون الى “2000 دولار ” المقدمة من الرئيس هنية الي المحررين !!
موضوع رائع 🙂
شكراً لك على الإطراء الذي لا أستحقه بالأغلب
بالنسبة لموضوع طريقة كتاباتك ما من إنسان ولد ليكون كامل لكني أعتقد أنه لا يوجد ما يعيق الإنسان من أن يصبح أي شيء يريده المهم أن يأمن بأنه يستطيع وأن يتجاهل ضحكات الناس على عثراته لذا تغلبي على عثرتك واكتبي فليس هناك ما يخجل من التعثر 🙂
الناس لدينا جبلت على أن تحسد بعضها البعض تملك الملايين وتتطلع لعشرة شيقل يمسكها يتيم في يده وينسوا أنه يتيم
مرة أخرى شكراً على تعليقك